للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لصالح المري في مثله:]

الأصمعي قال: عزى صالح المزى رجلا بابنه، فقال له: إن كانت مصيبتك لم تحدث لك موعظة، فمصيبتك بنفسك أعظم من مصيبتك بابنك؛ واعلم أن التهنئة على آجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة.

[لوالد العتبي في مثله:]

العتبي قال: عزى أبي رجلا فقال: إنما يستوجب على الله وعده من صبر لحقّه، فلا تجمع إلى ما فجعت به الفجيعة بالأجر، فإنها أعظم المصيبتين عليك، ولكل اجتماع فرقة إلى دار الحلول.

عزّى عبد الله بن عباس عمر بنّ الخطاب رضي الله تعالى عنه في بنيّ له صغير؛ فقال: عوضك الله منه ما عوّضه الله منك.

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا عزىّ قوما قال: عليكم بالصبر فإن به يأخذ الحازم، وإليه يرجع الجازع.

وكان الحسن يقول في المصيبة: الحمد لله الذي آجرنا على ما لو كلفنا غيره لعجزنا عنه.

[كتاب تعزية]

أما بعد: فإن أحق من تعزى، وأولي من تأسّي وسلّم لأمر الله، وقبل تأديبه في الصبر على نكبات الدنيا وتجرّع غصص البلوى- من تنجز من الله وعده، وفهم عن كتابه أمره، وأخلص له نفسه، واعترف له بما هو أهله، وفي كتاب الله سلوة من فقد كل حبيب وإن لم تطب النفس عنه، وأنس من كل فقيد وإن عظمت اللوعة به؛ إذ يقول الله عز وجل: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

«١» وحيث يقول: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ