عوانة بن الحكم قال: حج محمد بن هشام، ونزلت رفقه، فإذا فيها شيخ كبير قد احتوشه «١» الناس وهو يأمر وينهى؛ فقال محمد بن هشام لمن حوله: تجدون الشيخ عراقيا فاسقا! فقال له بعض أصحابه: نعم، وكوفيا منافقا! فقال محمد، عليّ به. فأتي بالشيخ، فقال له: أعراقيّ أنت؟ قال له: نعم عراقي. قال: وكوفيّ؟ قال: وكوفي.
قال: وترابيّ؟ قال: وترابي، من التراب خلقت، وإليه أصير. قال: أنت ممن يهوى أبا تراب؟ قال: ومن أبو تراب؟ قال: عليّ بن أبي طالب. قال: أتعني ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وزوج فاطمة ابنته، وأبا الحسن والحسين؟ قال: نعم، فما قولك فيه؟ قال:
قد رأيت من يقول خيرا ويحمد، ورأيت من يقول شرا ويذم. قال: فأيهما أفضل عندك: أهو أم عثمان؟ قال: وما أنا وذاك؟ والله لو أن عليا جاء بوزن الجبال حسنات ما نفعني، ولو جاء بوزنها سيئات ما ضرّني؛ وعثمان مثل ذلك. قال: فاشتم أبا تراب! قال: أو ما ترضى مني بما رضي به من هو خير منك ممن هو خير مني فيمن هو شر من عليّ؟ قال: وما ذاك؟ قال: رضيّ الله وهو خير منك، من عيسى وهو خير مني، في النصارى وهم شر من عليّ، إذ قال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
«٢» .
[حمزة وابن له في علي:]
الرياشي قال: انتقص ابن لحمزة بن عبد الله بن الزبير عليا، فقال له أبوه: يا بني إنه والله ما بنت الدنيا شيئا إلا هدمه الدّين، وما بنى الدين شيئا فهدمته الدنيا؛ أما ترى عليا وما يظهر بعض الناس من بغضه ولعنه على المنابر فكأنما والله يأخذون