وهذا نظير قول ابن عباس- ونظر إلى درهم في يد رجل- فقال: إنه ليس لك حتى يخرج من يدك.
[لبعض الأعراب:]
وقال أعرابي لأخ له: يا أخي، إن مالك إن لم يكن لك، كنت له؛ وإن لم تفنه أفناك، فكله قبل أن يأكلك.
وقال أعرابي: مضى لنا سلف أهل تواصل اعتقدوا مننا، واتخذوا الأيادي ذخيرة لمن بعدهم، يرون اصطناع المعروف عليهم فرضا لازما، وإظهار البرّ واجبا ثم جاء الزمان ببنين اتخذوا مننهم بصناعة، وبرّهم مرابحة، وأياديهم تجارة، واصطناع المعروف مقارضة «١» كنقد [السوق] : خذ مني وهات.
وقال أعرابي لولده: يا بني، لا تكن رأسا ولا ذنبا، فإن كنت رأسا فتهبأ للنطاح، وإن كنت ذنبا فتهيأ للنكاح.
قال: وسمعت أعرابيا يقول لابن عمه: سأتخطى ذنبك إلى عذرك، وإن كنت من أحدهما على شك ومن الآخر على يقين؛ ولكن ليتمّ المعروف مني إليك، ولتقوم الحجة لي عليك.
قال: وسمعت أعرابيا يقول: إن الموفّق من ترك أرفق الحالات به لأصلحها لدينه، نظرا لنفسه إذا لم تنظر نفسه لها.
قال: وسمعت أعرابيا يقول: الله مخلف ما أتلف الناس، والدهر متلف ما أخلفوا، وكم من ميتة عليها طلب الحياة، وكم من حياة سببها التعرض للموت.
وقال أعرابي: إن الآمال قطعت أعناق الرجال، كالسراب: غرّ من رآه، وأخلف من رجاه.