قال ابن إسحق: وقد طرب الصالحون وضحكوا ومزحوا. وإن مدحت العرب رجلا قالوا: هو ضحوك السن، بسّام الثنيات، هش إلى الضيف فإذا ذمّته قالوا: هو عبوس الوجه، جهم المحيّا، كريه المنظر، حامض الدجنة، كأنما وجهه بالخل منضوج، كأنما أسعط «١» خيشومه بالخردل.
وكتب يحيى بن خالد إلى الفضل ابنه وهو بخراسان: يا بنيّ، لا تغفل نصيبك من الكسل! وهذا جزء جامع لكل ما قصدنا إليه من هذا المعنى، لأن بالكسل تكون الراحة، وبالراحة يكون مثاب «٢» النشاط، وبالنشاط يصفو الذهن، ويصدق الحس، ويكثر الصواب. قال الشاعر:
إنما للنّاس منّا ... حسن خلق ومزاح
ولنا ما كان فينا ... من فساد وصلاح
[ملح هشام بن عروة]
الهيثم بن عديّ قال: رأيت هشام بن عروة قد اجتمع إليه أصحاب الحديث يسألونه، فقال لهم: يا قوم، أما ما كان عندي من الحلال والحرام والسنّة فإني لا أستحلّ أن أمنعكموه، وأما ملحي فلا أعطيكموها ولا كرامة.
[باب من المفاكهات]
[حديث عباس بن الأحنف]
حدث أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قال: حدثنا محمد بن عامر الحنفي، وكان من سادات بكر بن وائل، وأدركته شيخا كبيرا مملقا، وكان إذا أفاد على إملاقه «٣» شيئا