وما تركت خمسون ألفا لقائل ... عليك- فلا تحفل- مقالة لائم
فإن قلتم زوّجت مولى؛ فقد مضت ... به سنّة قبلي وحبّ الدراهم
ويقال: إن غيره قال ذلك.
[باب في الادعياء]
[زياد بن عبيد]
أول دعيّ كان في الإسلام واشتهر، زياد بن عبيد، دعيّ معاوية؛ وكان من قصته انه وجهه بعض عمال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على العراق الى عمر بفتح كان، فلما قدم واخبر عمر بالفتح في احسن بيان وأفصح لسان، قال له عمر: أتقدر على مثل هذا الكلام في جماعة الناس على المنبر؟ قال: نعم، وعلى احسن منه، وانا لك أهيب! فأمر عمر بالصلاة جامعة؛ فاجتمع الناس، ثم قال لزياد: قم فاخطب وقص على الناس ما فتح الله على إخوانهم المسلمين. ففعل وأحسن وجوّد، وعند أصل المنبر علي بن ابي طالب، وأبو سفيان بن حرب فقال أبو سفيان لعليّ: أيعجبك ما سمعت من هذا الفتى؟ قال: نعم. قال: أما إنه ابن عمك؟ قال: فكيف ذلك؟ قال: أنا قذفته في رحم أمّه سمية! قال: فما يمنعك أن تدّعيه؟ قال: أخاف هذا الجالس على المنبر- يعني عمر- أن يفسد عليّ إهابي. فلما ولي معاوية استلحقه بهذا الحديث، واقام له شهودا عليه؛ فلما شهد الشهود قام زياد على اعقابهم خطيبا، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: هذا أمر لم اشهد اوله، ولا علم لي بآخره؛ وقد قال أمير المؤمنين ما بلغكم، وشهد الشهود بما قد سمعتم، والحمد لله الذي رفع منا ما وضع الناس، وحفظ منا ما ضيّعوا؛ فأما عبيد فإنما هو والد مبرور، أو ربيب مشكور. ثم جلس.