وقال أبو جعفر الكرماني يوما للمأمون: أتأذن لي في دعابة؟ قال: هاتها ويحك، فما العيش إلا فيها؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنك ظلمتني وظلمت غسان ابن عباد.
قال: وكيف ذلك ويلك؟ قال: رفعت غسان فوق قدره، ووضعتني دون قدري، إلا أنك لغسان أشدّ ظلما. قال: وكيف؟ قال: لأنك أقمته مقام هر، وأقمتني مقام رخمة. فاستظرف ذلك منه ورفع درجته.
[بين عطاء وعبد الملك]
أبو زيد قال: كان عطاء بن أبي رباح مع ابن الزبير، وكان أملح الناس جوابا فلما قتل ابن الزبير أمّنه عبد الملك بن مروان، فقدم عليها فسأل الإذن، فقال عبد الملك: لا أريده يضحكني، قد أمّنته فلينصرف.
قال أصحابه: فنحن نتقدم اليه ألا يفعل. فأذن له عبد الملك، فدخل وسلم عليه وبايعه، ثم ولّى، فلم يصبر عبد الملك أن صاح به: يا عطاء، أما وجدت أمّك اسما إلا عطاء؟ قال: قد واللَّه استنكرت من ذلك ما استنكرته يا أمير المؤمنين لو كانت سمتني باسم المباركة صلوات اللَّه عليها مريم! فضحك عبد الملك، وقال: اخرج.
[هارون ولاعب شطرنج]
لعب رجل بين يدي هارون بالشطرنج، فلما رآه قد استجاد لعبه وفاوضه الكلام قال: ولّني نهر بوق. قال: بل أوليك نصفه؛ اكتبوا عهده على بوق. قال: فولّني على أرمينية. قال: أخشى أن يبطىء عليّ خبرك. قال: فغيرها. قال: لا أريد أن أبعدك عن نفسي.