اختلف الناس في الغناء، فاجازه عامة اهل الحجاز، وكرهه عامة أهل العراق.
[رأي من اجازه]
فمن حجّة من اجازه أن أصله الشعر الذي أمر النبي صلّى الله عليه وسلم به، وحضّ عليه، وندب اصحابه اليه، وتجند به على المشركين؛ فقال لحسان: شنّ الغارة على بني عبد مناف، فو الله لشعرك أشدّ عليهم من وقع السهام في غلس الظلام. و [الشعر] هو ديوان العرب ومقيّد احكامها الشاهد على مكارمها؛ وأكثر شعر حسان بن ثابت يغنى به.
[حسان وابنه]
قال فرج بن سلام: حدثني الرياشي عن الاصمعي قال: شهد حسان بن ثابت مأدبة لرجل من الأنصار وقد كفّ بصره، ومعه ابنه عبد الرحمن، فكلما قدّم شيء من الطعام قال حسان لابنه عبد الرحمن: أطعام يد أم طعام يدين؟ فيقول له طعام يد.
حتّى قدّم الشّواء، فقال له: هذا طعام يدين. فقبض الشيخ يده؛ فلما رفع الطعام اندفعت قينة تغني لهم بشعر حسان:
انظر خليلي بباب جلّق هل ... تبصر دون البلقاء من أحد «١»
جمال شعثاء إذا هبطن من ال ... منحشّ دون الكثبان فالسّند «٢»
قال: فجعل حسان يبكي، وجعل عبد الرحمن يوميء إلى القينة أن ترددّه! قال الاصمعي: فلا أدري ما الذي اعجب عبد الرحمن من بكاء ابيه!.
[لعائشة]
وقالت عائشة رضي الله عنها: علّموا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم.