قال الفقيه أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، تغمده اللَّه برحمته: قد مضى قولنا في الطعام والشراب وما يتولد منهما، وينسب إليهما.
ونحن قائلون بما ألّفناه في كتابنا هذا من الفكاهات والملح التي هي نزهة النفس، وربيع القلب، ومرتع السمع، ومجلب الراحة، ومعدن السرور.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلّت عميت» .
وقال علي بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه: أجموا «١» هذه القلوب، والتمسوا لها طرف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان، والنفس مؤثرة للهوى، آخذة بالهوينى، جانحة إلى اللهو، أمارة بالسوء، مستوطنة للعجز، طالبة للراحة، نافرة عن العمل، فإن أكرهتها أنضيتها «٢» ، وإن أهملتها أرديتها.
ودخل عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز على أبيه وهو ينام نومة الضحى فقال: يا أبت! أتنام وأصحاب الحوائج واقفون ببابك؟ قال: يا بنيّ، إن نفسي مطيتي، فإن أنضيتها قطعتها، ومن قطع المطيّ لم يبلغ الغاية!