تظلّ الرّيح عاصفة عليه ... ويرعى حوله الّلهق النّوار»
فذاك النّأي لا الهجران حولا ... وحولا ثم تجمعنا الدّيار
وهذا نظير قول ليلى الأخيلية:
لعمرك ما الهجران أن تشحط النّوى ... ولكنما الهجران ما غيّب القبر «٢»
ونظيره قول خنساء:
نأي الخليلين كون الأرض بينهما ... هذا عليها وهذا تحتها رمما «٣»
وأنشد الآخر:
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ... حبيبك فاعلم أنها ستعود
[عمر وأعرابي بالجبانة:]
الرياشي قال: مرّ عمر بن الخطاب بالجبّانة فإذا هو بأعرابيّ، فقال: ما تصنع هنا يا أعرابي في هذه الديار الموحشة؟ قال: وديعة لي هاهنا يا أمير المؤمنين. قال: وما وديعتك؟ قال: بنيّ لي دفنته، فأنا أخرج إليه كل يوم أندبه. قال: فاندبه حتى أسمع. فأنشأ يقول:
يا غائبا ما يؤوب من سفره ... عاجله موته على صغره
يا قرّة العين كنت لي سكنا ... في طول ليلي نعم وفي قصره
شربت كأسا أبوك شاربها ... لا بدّ يوما له على كبره
يشربها والأنام كلّهم ... من كان في بدوه وفي حضره
فالحمد لله لا شريك له ... الموت في حكمه وفي قدره
قد قسّم العمر في العباد فما ... يقدر خلق يزيد في عمره