وكأنّ ريّقه ولمّا يحتفل ... ودق السماء عجاجة طخياء «١»
مستضحك بلوامع مستعبر ... بمدامع لم تمرها الأقذاء
فله بلا حزن ولا بمسرّة ... ضحك يؤلّف بينه وبكاء
حيران متّبع صباه تقوده ... وجنوبه كف له ورهاء «٢»
ثقلت كلاه فبهّرت أصلابه ... وتبعّجت عن مائه الأحشاء «٣»
غدق تبعّج بالأباطح مزّقت ... تلك السّيول ومالها أشلاء
غرّ محجّلة دوالج ضمّنت ... حمل الّلقاح وكلّها عذراء «٤»
سحم فهنّ إذا عبسن فواحم ... سود، وهنّ إذا ضحكن وضاء
لو كان من لجج السواحل ماؤه ... لم يبق في لجج السواحل ماء
[هشام وأعرابي يصف له السحاب:]
قال هشام بن عبد الملك لأعرابي: اخرج فانظر كيف ترى السحاب. فخرج فنظر، ثم انصرف فقال: سفائن، وإن اجتمعت فعين.
[قولهم في البلاغة والإيجاز]
قيل لأعرابي: من أبلغ الناس؟ قال: أحسنهم لفظا وأسرعهم بديهة.
الأصمعي قال: خطب رجل في نكاح فأكثر وطوّل، فقيل: من يجيبه؟ قال أعرابي: أنا. قيل له: أنت وذاك؟ فالتفت إلى الخاطب فقال: إني والله ما أنا من تخطيطك وتمطيطك «٥» في شيء، قد متتّ بحرمة، وذكرت حقا، وعظّمت مرجوّا، فحبلك موصول، وفرضك مقبول، وأنت لها كفء كريم، وقد أنكحناك وسلّمنا.