للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لأبي العتاهية في رثاء الأمين:]

لما قتل عبد الله المأمون أخاه محمد بن زبيدة، أرسلت أمه زبيدة ابنة جعفر إلى أبي العتاهية يقول أبياتا على لسانها للمأمون، فقال:

ألا إنّ ريب الدهر يدني ويبعد ... وللدهر أيام تذمّ وتحمد «١»

أقول لريب الدهر إن ذهبت يد ... فقد بقيت والحمد لله لي يد

إذا بقي المأمون لي فالرشيد لي ... ولي جعفر، لم يهلكا، ومحمد

وكتبت إليه من قوله:

لخير إمام قام من خير معشر ... وأكرم بسّام على عود منبر

كتبت وعيني تستهلّ دموعها ... إليك ابن يعلى من دموعي ومحجري «٢»

فجعنا بأدنى الناس منك قرابة ... ومن زلّ عن كبدي فقلّ تصبّري

أتى طاهر لا طهّر الله طاهرا ... وما طاهر في فعله بمطهّر

فأبرزني مكشوفة الوجه حاسرا ... وأنهب أموالي وخرّب أدوري

وعزّ على هارون ما قد لقيته ... وما نابني من ناقص الخلق أعور

فلما نظر المأمون إلى كتابها وجه إليها بحباء جزيل، وكتب إليها يسألها القدوم عليه، فلم تأته في ذلك الوقت وقبلت منه ما وجّه به إليها؛ فلما صارت إليه بعد ذلك قال لها: من قائل الأبيات؟ قالت: أبو العتاهية. قال: وكم أمرت له؟ قالت: عشرين ألف درهم. قال المأمون: وقد أمرنا له بمثل ذلك. واعتذر إليها من قتل أخيه محمد، وقال لها: لست صاحبه ولا قاتله. فقالت: يا أمير المؤمنين، إن لكما يوما تجتمعان فيه، وأرجو أن يغفر الله لكما إن شاء الله.

أبو شأس يرثي ابنه شأسا:

وربّيت شأسا لريب الزمان ... فلله تربيتي والنصب

فليتك يا شأس فيمن بقي ... وكنت مكانك فيمن ذهب!