للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمغبون فيها من باع حظّه من دار آخرته بها؛ فالله عباد الله والتوبة مقبولة، والرحمة مبسوطة؛ وبادروا بالأعمال الزكية في هذه الأيام الخالية قبل أن يؤخذ بالكظم «١» ، وتندموا فلا تقالون بالندم، في يوم حسرة وتأسّف وكآبة وتلهّف؛ يوم ليس كالأيام، وموقف ضنك المقام، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله؛ يقول الله تبارك وتعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

«٢» .

أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم! بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ. كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ. ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ

» .

أوصيكم عباد الله بما أوصاكم الله به، وأنهاكم عما نهاكم الله عنه، وأرضى لكم طاعة الله، وأستغفر الله لي ولكم.

[خطبة هارون الرشيد]

الحمد لله؛ نحمده على نعمه، ونستعينه على طاعته، ونستنصره على أعدائه، ونؤمن به حقا، ونتوكل عليه مفوّضين إليه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. بعثه الله على فترة من الرسل، ودروس من العلم، وإدبار من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ بشيرا بالنعيم المقيم؛ ونذيرا بين يدي عذاب أليم، فبلّغ الرسالة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله، فأدّى عن الله وعده ووعيده حتى أتاه اليقين؛ فعلى النّبي من الله صلاة ورحمة وسلام.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله؛ فإن في التقوى تكفير السيئات، وتضعيف الحسنات، وفوزا بالجنة، ونجاة من النار؛ وأحذركم يوما تشخص فيه الأبصار، وتبلى فيه الأسرار، يوم البعث ويوم التغابن، ويوم التلاقي ويوم التنادي، يوم لا يستعتب من سيئة ولا يزداد من حسنة؛ يَوْمَ الْآزِفَةِ، إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما