صحا قلبه عنها على أنّ ذكرها ... إذا ذكرت دارت به الأرض قائما
فقال له: كيف يصحو من كانت هذه صفته. والمعنى صحيح، وإنما ذهب إلى أن حاله هذه، على ما تقدم من سوء حاله، حال صحو عنده، ومثل هذا في الشعر كثير، لأن بعض الشر أهون من بعض. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم في عمه أبي طالب: إنه أخف الناس عذابا يوم القيامة، يحذى نعلين من نار يغلي منهما دماغه! وهذا من العذاب الشديد، وإنما صار خفيفا عند ما هو أشد منه، فزعم المرقّش أنه عند نفسه صاح.
إذ تبدّل حاله أسهل مما كان فيه.
[بيت لابن هانىء]
وقد عاب الناس قول الحسن بن هانيء:
وأخفت أهل الشّرك حتى إنه ... لتخافك النّطف التي لم تخلق
فقالوا: كيف تخافه النطف التي لم تخلق؟ ومجاز هذا قريب إذا لحظ أن من خاف شيئا خافه بجوارحه وسمعه وبصره ولحمه وروحه، والنطف داخلة في هذه الجملة، فهو إذا أخاف أهل الشرك أخاف النطف التي في أصلابها.
وقال الشاعر:
ألا ترثي ... يحبّك لحمه ودمه
وقال المكفوف:
أخبّكم حبّا على الله أجره ... تضمّنه الأحشاء واللحم والدم
[العتابي ومنصور النميري]
ولقى العتابي منصورا النميري، فسأله عن حاله فقال: إني لمدهوش «١» : وذلك أني