للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومنهم يزيد بن حاتم]

وكتب إليه رجل من العلماء يستوصله، فبعث إليه ثلاثين ألف درهم، وكتب إليه: «أما بعد، فقد بعثت إليك بثلاثين ألفا، لا أكثّرها امتنانا، ولا أقلّلها تجبّرا، ولا أستثيبك عليها ثناء، ولا أقطع لك بها رجاء، والسلام» .

وكان ربيعة الرّقي قد قدم مصر فأتى يزيد بن حاتم الوردي فلم يعطه شيئا، فشغل عنه ببعض الأمر، فخرج وهو يقول:

أراني ولا كفران لله راجعا ... بخفي حنين من نوال ابن حاتم

فسأل عنه يزيد، فأخبر أنه قد خرج وقال كذا، وأنشد البيت؛ فأرسل في طلبه فأتي به، فقال: كيف قلت؟ فأنشده البيت: فقال شغلنا عنك! ثم أمر بخفّيه فخلعتا من رجليه وملئتا مالا، وقال: ارجع بهما بدلا من خفّي حنين! فقال فيه لما عزل عن مصر وولي مكانه يزيد بن حاتم:

بكى أهل مصر بالدّموع السّواجم ... غداة غدا منها الأغرّ ابن حاتم

وفيها يقول:

لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى ... يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم

فهمّ الفتى الأزديّ إتلاف ماله ... وهمّ الفتى القيسيّ جمع الدّراهم

فلا يحسب التّمتام أنّي هجوته ... ولكنّني فضّلت أهل المكارم

وخرج إليه رجل من الشعراء يمدحه، فلما بلغ مصر وجده قد مات؛ فقال فيه:

لئن مصر فاتتني بما كنت أرتجي ... وأخلفني منها الذي كنت آمل

فما كلّ ما يخشى الفتى بمصيبه ... ولا كلّ ما يرجو الفتى هو نائل

وما كان بيني لو لقيتك سالما ... وبين الغنى إلا ليال قلائل