يزيد: إني قد حملته. قال: فأدّه: قال يزيد والله ما حملته إلا لأؤدّيه ثم قال: يا أمير المؤمنين، إن هذه الحمالة وإن عظم خطبها، فحمدها والله أعظم منها، ويدي مبسوطة بيدك، فابسطها لسؤالها. ثم غدا يزيد بالمال على الخزّان فدفعه إليهم فدخلوا على سليمان فأخبروه بقبض المال، فقال: وفت يمين سليمان احملوا إلى أبي خالد ماله.
فقال عدي بن الرقاع العاملي:
ولله عينا من رأى كحمالة ... تحمّلها كبش العراق يزيد
الأصمعي قال: قدم على يزيد بن المهلّب قوم من قضاعة من بني ضبّة، فقال رجل منهم:
والله ما ندري إذا ما فاتنا ... طلب إليك من الّذي نتطلب؟
ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحدا سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتنا التي عوّدتنا ... أو لا فأرشدنا إلى من نذهب؟
فأمر له بألف دينار؛ فلما كان في العام المقبل وفد عليه فقال:
مالي أرى أبوابهم مهجورة ... وكأنّ بابك مجمع الأسواق
أرجوك أم خافوك أم شاموا النّدى ... بيديك فاجتمعوا من الآفاق
إنّي رأيتك للمكارم عاشقا ... والمكرمات قليلة العشّاق
فأمر له بعشرة آلاف درهم.
ومر يزيد بن المهلّب في طريق البصرة بأعرابيّة، فأهدت إليه عنزا، فقبلها وقال لابنه معاوية: ما عندك من نفقة؟ قال: ثمانمائة درهم. قال: ادفعها إليها! قال إنها لا تعرفك ويرضيها اليسير قال: إن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي، وإن كان يرضيها اليسير فأنا لا أرضى إلا بالكثير.