اختصم إلى زياد بنو راسب وبنو طفاوة في غلام ادعوه، وأقاموا جميعا البينة عند زياد؛ فأشكل على زياد أمره، فقال سعد الرابية من بني عمرو بن يربوع أصلح اللَّه الأمير، قد تبين لي في هذا الغلام القضاء؛ ولقد شهدت البينة لبني راسب والطفاوة، فولني الحكم بينهما. قال: وما عندك في ذلك؟ قال: أرى أن يلقى في النهر، فإن رسب فهو لبني راسب، وإن طفا فهو لبني الطفاوة، فأخذ زياد نعليه وقام وقد غلبه الضحك، ثم أرسل إليه: إني أنهاك عن المزاح في مجلسي. قال: أصلح اللَّه الأمير، حضرني أمر خفت أن أنساه. فضحك زياد وقال: لا تعودن.
[أفصح أهل البصرة وأجملهم]
أبو زيد قال: لم يكن بالبصرة أفصح لسانا ولا أظهر جمالا من الحسن بن أبي الحسن البصري، وزرعة بن أبي حمزة الهلالي.
[المتوكل وعبادة المخنث]
قال: وأخبرني الوليد بن عبيد البحتري الشاعر قال: كنا عند المتوكل يوما وبين يديه عبادة المخنث، فأمر به فألقي في بعض البرك في الشتاء، فابتل وكاد يموت بردا؛ قال: أخرج من البركة وكسي، وجعل في ناحية في المجلس، فقال له: يا عبادة، كيف أنت؟ وما حالك؟ قال: يا أمير المؤمنين، جئت من الآخرة! فقال له:
كيف تركت أخي الواثق؟ قال: لم أجز بجهنم! فضحك المتوكل وأمر له بصلة.
[نوادر أشعب]
قال أشعب: فيّ وفي أبي الزناد عجب؛ كنت أنا وهو في كفالة عائشة بنت عثمان، فما زال يعلو وأسفل حتى بلغنا غايتنا هذه! قيل لأشعب: لو أنك حفظت الحديث حفظك هذه النوادر لكان أولى بك. قال:
قد فعلت: قالوا له: فما حفظت من الحديث؟ قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي