قال: أنت القائل: «همّت» ؟ قال: نعم. قال: لست له. ثم قام حسان بن ثابت، فقال يا رسول الله ائذن لي فيه. وأخرج لسانه فضرب به أرنبة «١» أنفه وقال: والله يا رسول الله إنه ليخيّل لي أني لو وضعته على حجر لفلقه، أو شعر لحلقه! فقال أنت له، اذهب إلى أبي بكر يخبرك بمثالب القوم، ثم اهجهم وجبريل معك. فقال يردّ على أبي سفيان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... مغلغلة فقد برح الخفاء «٢»
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بندّ ... فشرّكما لخيركما الفداء
فمن يهجو رسول الله منكم ... ويطريه ويمدحه سواء
لنا في كلّ يوم من معدّ ... سباب أو قتال أو هجاء
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تكدّره الدلاء
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
[ابن ياسر ويمني]
وقال رجل من أهل اليمن: دخلت الكوفة فأتيت المسجد، فإذا بعمار بن ياسر ورجل ينشده هجاء معاوية وعمرو بن العاص، وهو يقول: ألصق بالعجوزين! «٣» قلت له: سبحان الله! أتقول هذا وأنتم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: إن شئت فاجلس وإن شئت فاذهب! فجلست، فقال: أتدري ما كان يقول لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما هجانا اهل مكة؟ قلت: لا أدري. قال: كان يقول لنا: قولوا لهم مثل ما يقولون لكم.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لحسان بن ثابت: لقد شكر الله لك بيتا قلته وهو:
زعمت سخينة ان تغالب ربّها ... وليغلبنّ مغالب الغلّاب