أيها الناس، إنّ عبد الملك بن مروان قتل لطيم الشيطان كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ
«١» .
[مقتل مصعب بن الزبير]
فلما استقرّت البيعة لعبد الملك بن مروان أراد الخروج إلى مصعب بن الزبير، فجعل يستنفر أهل الشام فيبطئون عليه، فقال له الحجاج بن يوسف: سلّطني عليهم، فو الله لأخرجنّهم معك! قال له: قد سلطتك عليهم. فكان الحجاج لا يمرّ على باب رجل من أهل الشام قد تخلف عن الخروج إلا أحرق عليه داره. فلما رأى ذلك أهل الشام خرجوا.
وسار عبد الملك حتى دنا من العراق، وخرج مصعب بأهل البصرة والكوفة، فالتقوا بين الشام والعراق؛ وقد كان عبد الملك كتب كتبا إلى رجال من وجوه أهل العراق يدعوهم فيها إلى نفسه ويجعل لهم الأموال، وكتب إلى إبراهيم بن الأشتر بمثل ذلك، على أن يخذلوا مصعبا إذا التقوا؛ فقال إبراهيم بن الأشتر لمصعب: إنّ عبد الملك قد كتب إليّ هذا الكتاب، وقد كتب إلى أصحابي بمثل ذلك، فادعهم الساعة فاضرب أعناقهم. قال: ما كنت لأفعل ذلك حتى يستبين لي أمرهم. قال:
فأخرى ... قال: ما هي؟ قال: احبسهم حتى يستبين لك ذلك. قال: ما كنت لأفعل. قال: فعليك السلام، والله لا تراني بعد في مجلسك هذا أبدا. وقد كان قال له: دعني أدعو أهل الكوفة بما شرطه الله. فقال: لا والله، قتلتهم أمس وأستنصر بهم اليوم. قال: فما هو إلا أن التقوا فحوّلوا وجوههم وصاروا إلى عبد الملك؛ وبقي مصعب في شرذمة قليلة، فجاءه عبيد الله بن زياد بن ظبيان- وكان مع مصعب- فقال: أين الناس أيها الأمير؟ فقال: قد غدرتم يا أهل العراق. فرفع عبيد الله السيف ليضرب مصعبا، فبدره مصعب فضربه بالسيف على البيضة «٢» ، فنشب السيف في