البيضة؛ فجاء غلام لعبيد الله بن ظبيان فضرب مصعبا بالسيف فقتله، ثم جاء عبيد الله برأسه إلى عبد الملك بن مروان وهو يقول:
نطيع ملوك الأرض ما أقسطوا لنا ... وليس علينا قتلهم بمحرّم
قال: فلما نظر عبد الملك إلى رأس مصعب خرّ ساجدا، فقال عبد الله بن ظبيان؛ وكان من فتّاك العرب: ما ندمت على شيء قطّ ندمي على عبد الملك بن مروان إذ أتيته برأس مصعب فخرّ ساجدا أن لا أكون ضربت عنقه، فأكون قد قتلت ملكي العرب في يوم واحد! وقال في ذلك عبيد الله بن زياد بن ظبيان.
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... فعلت فأدمنت البكا لأقاربه
فأوردتها في النار بكر بن وائل ... والحقت من قد خرّ شكرا بصاحبه
الرياشي عن الأصمعي قال: لما أتي عبد الملك برأس مصعب بن الزبير، نظر إليه مليا. ثم قال: متى تلد قريش مثلك! وقال: هذا سيد شباب قريش.
وقيل لعبد الملك: أكان مصعب يشرب الطلاء «١» ؟ فقال: لو علم مصعب أنّ الماء يفسد مروءته لما شربه! ولما قتل مصعب دخل الناس على عبد الملك يهنئونه، ودخل معهم شاعر فأنشده:
الله أعطاك التي لا فوقها ... وقد أراد الملحدون عوقها..
عنك، ويأبى الله إلا سوقها ... إليك، حتى قلّدوك طوقها
فأمر له بعشرة آلاف درهم.
وقالوا: كان مصعب أجلّ الناس، وأسخى الناس، وأشجع الناس؛ وكان تحته عقيلتا قريش: عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين.