فإن تقبلوا بالود أقبل بمثله ... وأنزلكم منا بأكرم منزل
قال: فدفع الباب ودخل، وأرسل غلامه يحمل إليه حوائجه؛ وقال: لعن الله الاهل والولد والضّيعة!.
[خبر الذلفاء]
قال أبو سويد: حدثني أبو زيد الاسدي قال: دخلت على سليمان بن عبد الملك بن مروان، وهو جالس على دكان مبلط بالرخام الاحمر، مفروش بالديباج «١» الأخضر، في وسط بستان ملتف، قد أثمر وأينع؛ واذا بإزاء كل شقّ من البستان ميدان ينبت الربيع قد ازهر وعلى رأسه وصائف. كلّ واحدة منهن احسن من صاحبتها؛ وقد غابت الشمس، فنضرت الخضرة، وأضعفت في حسنها الزهرة، وغنّت الاطيار فتجاوبت، وسفت الرياح على الاشجار فتمايلت؛ [وقد حلي البستان] بأنهار فيه قد شقّقت، ومياه قد تدفقت: فقلت: السلام عليك أيها الامير ورحمة الله وبركاته.
وكان مطرقا، فرفع رأسه وقال: أبا زيد! في مثل هذا الحين يصاب احد حيا؟
قلت: أصلح الله الامير، أو قد قامت القيامة بعد!.
قال: نعم، على أهل المحبة سرا والمراسلة بينهم خفية.
ثم أطرق مليا، ثم رفع رأسه فقال: أبا زيد، ما يطيب في يومنا هذا؟.
قلت: أعز الله الامير، قهوة صفراء، في زجاجة بيضاء، تناولها مقدودة هيفاء، مضمومة لفّاء [مكحولة] دعجاء، أشربها من كفها، وأمسح فمي بفمها!.
فأطرق سليمان مليا لا يحير جوابا، ينحدر من عينه عبرات بلا شهيق؛ فلما رأت