عبد الرحمن القصير قال: حدّثنا يونس بن بلال عن يزيد بن أبي حبيب أنّ رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أيقدّر الله عليّ الشرّ ثم يعذّبني عليه؟ قال:«نعم. وأنت أظلم» .
وحدّثني أبو عبد الرحمن المقري، يرفعه إلى أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم» .
ومن حديث عبد الله بن مسعود، قال: ما كان كفر بعد نبوّة قط إلا كان مفتاحه التكذيب بالقدر.
[أبو العتاهية وابن أشرس بين يدي المأمون:]
ثمامة بن أشرس قال: دخل أبو العتاهية على المأمون لما قدم العراق، فأمر له بمال وجعل يحادثه، فقال له يوما: ما في الناس أجهل من القدريّة. فقال له المأمون: أنت بصناعتك أبصر، فلا تتخطاها إلى غيرها. قال له: يا أمير المؤمنين، أجمع وبين من شئت منهم. فأرسل إليّ، فدخلت عليه، فقال لي: هذا يزعم أنك وأصحابك لا حجّة عندكم. قلت: فليسأل عما بدا له. فحرّك أبو العتاهية يده وقال: من حرّك هذه؟ قلت: من ناك أمّه! فقال: يا أمير المؤمنين، شتمني. قلت له: نقضت أصلك يا ماص بظر أمّه! فضحك المأمون. فقلت له: يا جاهل! تحرّك يدك ثم تقول: من حرّكها؟ فإن كان الله حرّكها فلم أشتمك؛ وإن كنت أنت المحرّك لها فهو قولي.
قال له المأمون: عندك زيادة في المسألة.
قال الكندي في الفن التاسع من التوحيد: اعلم أنّ العالم كله مسوس بالقضاء والقدر- أعني بالقضاء- ما قسم لكل معلول مما هو أصلح وأحكم، وأتقن في بنية الكل، لأنه جل ثناؤه خلق وأبدع مضطرا ومختارا بتمام القدرة، فلما كان المختار غير تام الحكمة؛ لأنّ تمام الحكمة لمبدع الكل، كان لو أطلق واختياره لاختار كثيرا مما