فهؤلاء أجواد الإسلام المشهورون في الجود المنسوبون إليه، وهم أحد عشر رجلا كما ذكرنا وسمّينا، وبعدهم طبقة أخرى من الأجواد، قد شهروا بالجود وعرفوا بالكرم، وحمدت أفعالهم، وسنذكر ما أمكننا ذكره منها إن شاء الله تعالى.
[الطبقة الثانية من الأجواد]
[فمنهم الحكم بن حنطب]
قيل لنصيب بن رباح: خرف شعرك أبا محجن! قال لا، ولكن خرف الكرم؛ لقد رأيتني ومدحت الحكم بن حنطب، فأعطاني ألف دينار ومائة ناقة وأربعمائة شاة.
وسأل أعرابي الحكم بن حنطب، فأعطاه خمسمائة دينار، فبكى الأعرابي، فقال:
ما يبكيك يا أعرابي؟ لعلك استقللت ما أعطيناك! قال: لا والله، ولكني أبكي لما تأكل الأرض منك، ثم أنشأ يقول:
وكأنّ آدم حين حان وفاته ... أوصاك وهو يجود بالحوباء «١»
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم ... فكفيت آدم علية الأبناء «٢»
العتبي قال: أخبرني رجل من أهل منبج، قال: قدم علينا الحكم بن حنطب وهو مملق «٣» فأغنانا! قال له: كيف أغناكم وهو مملق؟ قال: علّمنا المكارم، فعاد غنيّنا على فقيرنا.
[ومنهم معن بن زائدة]
وكان يقال فيه: حدّث عن البحر ولا حرج، وحدّث عن معن ولا حرج.
وأتاه رجل يسأله أن يحمله، فقال: يا غلام، أعطه فرسا وبرذونا وبغلا وعيرا وبعيرا وجارية. وقال: لو عرفت مركوبا غير هؤلاء لأعطيتك.