وأما أمر الأطفال فإن نبي الله نوحا عليه السلام كان أعرف بالله يا نجدة مني ومنك، فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً
«٢» فسماهم بالكفر وهم أطفال وقبل أن يولدوا؛ فكيف جاز لك في قوم نوح ولا يجوز في قومنا والله يقول: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ
«٣» وهؤلاء كمشركي العرب، لا تقبل منهم جزية، وليس بيننا وبينهم إلا السيف أو الإسلام.
وأما استحلال الأمانات ممن خالفنا فإن الله عز وجل أحل لنا أموالهم، كما أحل لنا دماءهم، فدماؤهم حلال طلق، وأموالهم فيء للمسلمين، فاتق الله وراجع نفسك، فإنه لا عذر لك إلّا بالتوبة، ولا يسعك خذلاننا والقعود دوننا، وترك ما نهجناه لك من طريقتنا ومقالتنا. والسلام على من أقرّ بالحق وعمل به.
[مرداس وابن زياد:]
وكان مرداس أبو بلال من الخوارج، وكان مستترا، فلما رأى جدّ ابن زياد في قتل الخوارج وحبسهم، قال لأصحابه: إنه والله لا يسعنا المقام بين هؤلاء الظالمين، تجري علينا أحكامهم مجانبين للعدل، مفارقين للعقل؛ والله إنّ الصبر على هذا لعظيم، وإن تجريد السيف وإخافة السبيل لعظيم، ولكنا لا نبتدئهم، ولا نجرّد سيفا، ولا نقاتل إلا من قاتلنا. فاجتمع أصحابه وهم ثلاثون رجلا، فأرادوا أن يولّوا أمرهم حريث بن حجل، فأبى. فولّوا أمرهم مرداسا أبا بلال. فلما مضى بأصحابه لقيه عبد الله بن رباح الأنصاريّ، وكان له صديقا، فقال له: يا أخي، قال نعم؟
قال: أريد أن أهرب بديني ودين أصحابي هؤلاء من أحكام الجورة والظلمة. فقال