للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ذهب الملك عنا وقل أنصارنا فانتصرنا بقوم من العجم دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا.

قال: فأطرق مليا وجعل يقلب يده وينكت الأرض ويقول عبيدنا وأتباعنا، وقوم دخلوا في ديننا، وزال الملك عنا!! يردده مرارا، ثم قال: ليس ذلك كذلك: بل أنتم قوم قد استحللتم ما حرم الله، وركبتم ما نهاكم عنه وظلمتم من ملكتم، فسلبكم الله العز، وألبسكم الذل بذنوبكم، ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها؛ وأخاف أن يحل بكم العذاب وأنتم ببلدي فيصيبني معكم، وإنما الضيافة ثلاثة أيام، فتزوّدوا ما احتجتم وارتحلوا عن بلدي.

[أخبار الدولة العباسية]

الهيثم بن عدي قال: حدثني عيّاش قال: حدثني بكير أبو هاشم مولى مسلمة قال: لم يزل لبني هاشم بيعة سرّ ودعوة باطنة منذ قتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ولم نزل نسمع بخروج الرايات السود من خراسان وزوال ملك بني أمية، حتى صار ذلك.

وقيل لبعض بني أمية: ما كان سبب زوال ملككم؟ قال: اختلاف فيما بيننا واجتماع المختلفين علينا! الهيثم بن عدي قال: حدثني غير واحد ممن أدركت من المشايخ أن عليّ بن أبي طالب أصار الأمر إلى الحسن، فأصاره الحسن إلى معاوية، وكره ذلك الحسين ومحمد ابن الحنفية. فلما قتل الحسين بن عليّ صار أمر الشيعة إلى محمد بن الحنفية. وقال بعضهم: إلى عليّ بن الحسين، ثم إلى محمد بن علي ثم إلى جعفر بن محمد. والذي عليه الأكثر أن محمد بن الحنفية أوصى إلى أبي هاشم ابنه: عبد الله بن محمد بن الحنفية، ولم يزل قائما بأمر الشيعة يأتونه ويقوم بأمرهم ويؤدّون إليه الخراج حتى استخلف سليمان ابن عبد الملك، فأتاه وافدا ومعه عدة من الشيعة، فلما كلمه سليمان قال: ما كلمت قط قرشيا يشبه هذا؛ وما نظن الذي كنا نحدّث عنه إلا حقا! فأجازه وقضى حوائجه وحوائج من معه. ثم شخص وهو يريد فلسطين، فلما كان ببلاد لخم وجذام، ضربوا