فقال مروان: كم الأشهر؟ قال: وفاء المائة يا أمير المؤمنين، تبلغ فيها أعلى درجة وأسعد عاقبة في النصرة والتمكين. فأمر له بمائة ألف درهم.
ثم تقدّم إليه ذو الرّمة متحانيا كبرة، قد انحلّت عمامته منحدرة عن وجهه، فوقف يسوّيها، فقيل له: تقدّم. قال: إني أجلّ أمير المؤمنين أن أخطب بشرفه مادحا بلوثة عمامتي. فقال مروان: ما أملت أنه أبقت لنا منك ميّ ولا صيدح»
في كلامك إمتاعا. قال: بلى والله يا أمير المؤمنين؛ أرد منه قراحا، والأحسن امتداحا، ثم تقدّم فأنشد شعرا يقول فيه:
فقلت لها سيري، أمامك سيّد ... تفرّع من مروان أو من محمّد
فالتفت مروان إلى العباس بن الوليد، فقال: أما ترى القوافي تنثال انثيالا؟ يعطى بكل من سمّى من آبائي ألف دينار. قال ذو الرمة: لو علمت لبلغت به عبد شمس.
[المنصور وابن هرمة]
: الربيع حاجب المنصور قال: قلت يوما للمنصور: إن الشعراء ببابك وهم كثيرون، طالت أيامهم ونفدت نفقاتهم. فقال: اخرج إليهم فاقرأ عليهم السلام، وقل لهم من مدحني منكم فلا يصفني بالأسد، فإنما هو كلب من الكلاب؛ ولا بالحيّة، فإنما هي دويّبة منتنة تأكل التراب؛ ولا بالجبل، فإنما هو حجر أصم؛ ولا بالبحر، فإنما هو غطامط لجب «٢» ؛ ومن ليس في شعره هذا فليدخل؛ ومن كان في شعره فلينصرف. فانصرفوا كلهم إلا إبراهيم بن هرمة، فإنه قال له. أنا له يا ربيع، فأدخلني. فأدخله، فلما مثل بين يديه، قال المنصور: يا ربيع، قد علمت أنه لا