إبراهيم بن مرزوق عن سعيد بن جويرية قال: لما كان عام الجماعة، كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: انظر ابن عمر فاقتد به وخذ عنه. يعني في المناسك، قال: فلما كان عشية عرفة، سار الحجاج بين يدي عبد الله ابن عمر وسالم ابنه، فقال له سالم: إن أردت أن تصيب السّنة «١» اليوم فأوجز الخطبة وعجّل الصلاة. قال:
فقطّب ونظر إلى عبد الله بن عمر، فقال: صدقت. فلما كان عند الزوال مرّ عبد الله بن عمر بسرادقه وقال: الرواح «٢» فما لبث أن خرج ورأسه يقطر كأنه قد اغتسل، فلما أفاض «٣» الناس رأيت الدم يتحدر من النجيبة «٤» التي عليها ابن عمر، فقلت: أبا عبد الرحمن، عقرت النجيبة! قال: أنا عقرت ليس النجيبة. وكان أصابه زج «٥» رمح بين أصبعين من قدمه، فلما صرنا بمكة دخل عليه الحجاج عائدا فقال: يا أبا عبد الرحمن، لو علمت من أصابك لفعلت وفعلت، قال له: أنت أصبتني. قال غفر الله لك، لم تقول هذا؟ قال: حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه السلاح، وفي بلد لا يحمل فيه السلام.
[من أخبار الحجاج:]
أبو الحسن المدائني قال: أخبرني من دخل المسجد والحجاج على المنبر وقد ملأ صوته المسجد بأبيات سويد بن أبي كاهل اليشكري حيث يقول:
ربّ من أنضجت غيظا صدره ... قد تمنّى لي موتا لم يطع
ساء ما ظنّوا وقد أبليتهم ... عند غايات المدى كيف أقع «٦»