خرج الحجاج يريد العراق واليا عليها في اثنى عشر راكبا على النجائب «١» ، حتى دخل الكوفة [فجأة] حين انتشر النهار، وقد كان بشر بن مروان بعث المهلب إلى الحرورية، فبدأ الحجاج بالمسجد فدخله، ثم صعد المنبر وهو ملثّم بعمامة خزّ، فقال:
عليّ بالناس، فحسبوه وأصحابه خوارج، فهمّوا به، حتى إذا اجتمع الناس في المسجد، قام، ثم كشف عن وجهه، ثم قال:
أنا ابن جلا وطلاع الثّايا ... متى أضع العمامة تعرفوني «٢»
صليب العود من سلفي رياح ... كنصل السيف وضّاح الجبين
وماذا يبتغي الشّعراء مني ... وقد جاوزت حدّ الأربعين
أخو خمسين مجتمع أشدّي ... ونجّذني مداورة الشّئون «٣»
وإني لا يعود إليّ قرني ... غداة العبء إلا في قرين
أما والله إني لأحمل الشر بحمله، وأحذوه بنعله، وأجزيه بمثله؛ وإني لأرى رءوسا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها؛ وإني لأنظر الدّماء بين العمائم والّلحى تترقرق.
قد شمّرت عن ساقها فشمّر «٤»
ثم قال:
هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم ... قد لفّها الليل بسوّاق حطم «٥»
ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزّار على ظهر وضم «٦»