أنشدني التي تقول فيها «الوحل» فإني رويتها وأنا صغير. فأنشده شعره الذي أوله:
أديرا عليّ الرّاح لا تشربا قبلي ... ولا تطلبا من عند قاتلتي ذحلي «١»
حتى انهى إلى قوله:
إذا ما علت منا ذؤابة شارب ... تمشّت به مشي المقيّد في الوحل
فضحك هارون وقال: ويحك يا مسلم! أما رضيت أن قيدته حتى يمشي في الوحل! ثم أمر له بجائزة وخلّى سبيله.
[بين كسري ويوشت بعد مقتل الفلهذ:]
قال كسري ليوشت المغني- وقد قتل الفلهذ تلميذه-: كنت أستريح منك إليه ومنه إليك، فأذهب حسدك ونغل «٢» صدرك شطر تمتّعي، وأمر أن يطرح تحت أرجل الفيلة. فقال: أيها الملك، إذا كنت أنا قد أذهبت شطر تمتّعك وأذهبت أنت الشطر الآخر، أليس جنايتك على نفسك مثل جنايتي عليك؟ قال كسري: دعوه؛ فما دلّه على هذا الكلام إلا ما جعل له من طول المدة.
[الرشيد ويعقوب ابن صالح:]
يعقوب بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، قال: دخلت يوما على الرشيد أمير المؤمنين وهو متغيّظ متّربّد «٣» ، فندمت على دخولي عليه، وقد كنت أفهم غضبه في وجهه، فسلّمت فلم يردّ؛ فقلت: داهية نآد «٤» . ثم أومأ إليّ فجلست. فالتفت إليّ وقال: لله عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فلقد نطق بالحكمة حيث يقول:
يا أيّها الزّاجري عن شيمتي سفها ... عمدا عصيت مقام الزاجر النّاهي