ومات الحسن في المدينة سنة تسع وأربعين، وهو ابن ست وأربعين سنة؛ وصلى عليه سعيد بن العاص وهو والي المدينة، وأوصى أن يدفن مع جده في بيت عائشة، فمنعه مروان بن الحكم، فردوه إلى البقيع.
وقال هريرة لمروان: علام تمنع أن يدفن مع جده؟ فلقد أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:«الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة» فقال له مروان: لقد ضيّع حديث نبيه إذ لم يروه غيرك. قال: أما إنك إذ قلت ذلك: لقد صحبته حتى عرفت من أحبّ ومن أبغض، ومن نفى ومن أقرّ، ومن دعا له ومن دعا عليه! ولما بلغ معاوية موت الحسن بن عليّ خرّ ساجدا لله، ثم أرسل إلى ابن عباس وكان معه في الشام، فعزاه وهو مستبشر، وقال له. ابن كم سنة مات أبو محمد؟ فقال له:
سنه كان يسمع في قريش، فالعجب من أن يجهله مثلك.
قال: بلغني أنه ترك أطفالا صغارا.
قال: كل ما كان صغيرا يكبر، وإن طفلنا لكهل، وإنّ صغيرنا لكبير! ثم قال:
ما لي أراك يا معاوية مستبشرا بموت الحسن بن علي؟ فو الله لا ينسأ في أجلك، ولا يسدّ حفرتك؛ وما أقلّ بقاءنا بعده! ثم خرج ابن عباس؛ فبعث إليه معاوية ابنه يزيد، فقعد بين يديه فعزّاه واستعبر لموت الحسن، فلما ذهب أتبعه ابن عباس بصره وقال: إذا ذهب آل حرب ذهب الحلم من الناس.
[معاوية]
[خلافة معاوية]
ثم اجتمع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين، وهو عام الجماعة؛ فبايعه أهل الأمصار كلها، وكتب بينه وبين الحسن كتابا وشروطا، ووصله بأربعين ألفا.