انتبهت من نومها جمعت أعوانها ثم نهضت فنبشته، فوجدته صحيحا كما دفن لم تنحسر له شعرة، وقد اخضر جنبه كالسلق من الماء الذي كان يسيل عليه، فلفته في الملاحف واشترت له عرصة بالبصرة فدفنته فيها وبنت حوله مسجدا. قال: فلقد رأيت المرأة من أهل البصرة تقبل بالقارورة من البان فتصبها على قبره حتى تفرغها، فلم يزلن يفعلن ذلك حتى صار تراب قبره مسكا أذفر.
ومن حديث الخشنى قال: لما قتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل، وجدوا في تركته ثلاثمائة بهار «١» من ذهب وفضة- والبهار مزود من جلد عجل.
وقع قوم في طلحة عند عليّ بن أبي طالب، فقال: أما والله لئن قلتم فيه إنه لكما قال الشاعر:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى، ويبعده الفقر
كأنّ الثّريّا علّقت في يمينه ... وفي خدّه الشّعري وفي الآخر البدر «٢»
مقتل الزبير بن العوّام
شريك عن الأسود بن قيس قال: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل يقعص الخيل بالرمح قعصا، فنوّه به عليّ: أبا عبد الله، أتذكر يوما أتانا النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا أناجيك فقال: أتناجيه، والله ليقاتلنّك وهو ظالم لك! قال: فصرف الزبير وجه دابته وانصرف.
قال أبو الحسين: لما انحاز الزبير يوم الجمل، مرّ بماء لبني تميم؛ فقيل للأحنف بن قيس: هذا الزبير قد أقبل. قال: وما أصنع به أن جمع بين هذين الغزيين «٣» وترك الناس وأقبل؟ - يريد بالغزيّين: المعسكرين-، وفي مجلسه عمرو بن جرموز المجاشعي؛ فلما سمع كلامه قام من مجلسه واتبعه حتى وجده بوادي السباع نائما