سراويل يرى منه بياض جسدها، ومرط قد جمعته على فخذيها، ومصحف على كرسي بين يديها. فأشرجت «١» المصحف ثم نحته، فسلمنا، فردّت، ثم رحبت بنا، ثم قالت: من أنت؟ قال: أنا عبد الحميد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري خال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! ومدّ بها صوته، قالت: يا هذا؛ إنما يمدّ هذا الصوت للساسانيين! قال موسى: فدخل بعضي في بعض! ثم قالت: ما حاجتك؟ قال: جئت خاطبا. قالت: ومن ذكرت؟ قال: ذكرتك! قالت: مرحبا بك يا أخا اهل الحجاز، ما الذي بيدك؟ قال: لنا سهمان بخيبر اعطاناهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- ومدّ بها صوته- وعين بمصر، وعين باليمامة، ومال باليمن. قالت: يا هذا، كل هذا عنا غائب، ولكن ما الذي يحصل بأيدينا منك؟ فإني أظنك تريد أن تجعلني كشاة عكرمة، أتدري من عكرمة؟ قال: لا. قالت: عكرمة بن ربعي. فإنه كان نشأ بالسواد، ثم انتقل الى البصرة وقد تغذي باللبن. فقال لزوجته: اشتري لنا شاة نحتلبها وتصنعين لنا من لبنها شرابا وكامخا. ففعلت وكانت عندهم الشاة إلى ان استحرمت «٢» ، فقالت: يا جارية خذي بأذن الشاة وانطلقي بها إلى التيّاس. فانزي عليها! ففعلت فقال التياس: آخذ منك على المنزوة درهما! فانصرفت إلى سيدتها فأعلمتها. فقالت: إنما رأينا من يرحم ويعطي، وأما من يرحم ويأخذ فلم نره! ... ولكن يا أخا أهل المدينة، أردت أن تجعلني كشاة عكرمة. فلما خرجنا قلت له: ما كان أغناك عن هذا! قال: ما كنت أظن أن امرأة تجترىء على مثل هذا الكلام.
[ابن علفة وعبد الملك]
وعن الاصمعي قال: كان عقيل بن علّفة المري غيورا فخورا، وكان يصهر إليه خلفاء بني أمية، فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته لبعض ولده، فقال: جنبني هجناء ولدك.