يا أمير المؤمنين. لصلاة الظهر، فقال لعبد العزيز بن مروان: اقتله حتى أرجع إليك من الصلاة. فلما أراد عبد العزيز أن يضرب عنقه، قال له عمرو، أنشدتك بالرحم يا عبد العزيز أن لا تقتلني من بينهم! فجاء عبد الملك فرآه جالسا، فقال: مالك لم تقتله؟ لعنك الله ولعن أماّ ولدتك! ثم قال: قدّموه إليّ. فأخذ الحربة بيده فقال:
فعلتها يا بن الزرقاء، فقال له عبد الملك: إني لو علمت أنك تبقى ويصلح لي ملكي لفديتك بدم الناظر «١» ، ولكن قلّما اجتمع فحلان في ذود «٢» إلا عدا أحدهما على الآخر. ثم رفع إليه الحربة فقتله، وقعد عبد الملك يرعد، ثم أمر به فأدرج في بساط وأدخل تحت السرير. وأرسل إلى قبيصة بن ذؤيب الخزاعي فدخل عليه، فقال: كيف رأيك في عمرو بن سعيد الأشدق؟ قال- وأبصر قبيصة رجل عمرو تحت السرير، فقال: اضرب عنقه يا أمير المؤمنين! قال: جزاك الله خيرا، ما علمت إنك لموفّق، قال قبيصة: اطرح رأسه وانثر على الناس الدنانير يتشاغلون بها. ففعل.
وافترق الناس، وهرب يحيى بن سعيد بن العاص حتى لحق بعبد الله بن الزبير بمكة فكان معه.
وأرسل عبد الملك بن مروان بعد قتله عمرو بن سعيد إلى رجل كان يستشيره ويصدر عن رأيه إذا ضاق عليه الأمر، فقال له: ما ترى ما كان من فعلي بعمرو بن سعيد؟ قال: أمر قد فات دركه «٣» . قال: لتقولنّ. قال: حزم لو قتلته وحييت أنت! قال: أو لست بحيّ؟ قال: هيهات، ليس بحيّ من أوقف نفسه موقفا لا يوثق منه بعهد ولا عقد. قال: كلام لو تقدّم سماعه فعلي لأمسكت! ولما بلغ عبد الله بن الزبير قتل عمرو بن سعيد، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: