أوتاد؟ «١» قلت: من قائله أصلح الله الأمير؟ قال: لا أدري. قلت: فمن شعراء الجاهلية أم شعراء الإسلام؟ قال: لا أدري. قال: فأطرقت حينا أفكّر فيه، حتى بدر إلى وهمي شعر الأفوه الازدي حيث يقول:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهّالهم سادوا «٢»
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمّع أوتاد وأعمدة ... يوما فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
فقلت: هو قول الأفوه الأزدي أصلح الله الأمير، وأنشدته الأبيات، فقال:
صدقت، انصرف إذا شئت! فقمت، فلما خطوت الباب لحقني أعوان له ومعهم بدرة، «٣» فصحبوني إلى الباب، فلما أردت أن أقبضها منهم، قالوا: لا بد من إدخالها إلى موضع منامك! فدخلوا معي، فعرضت أن أعطيهم منها شيئا، فقالوا: لا تقدم على الأمير.
الأصمعي قال: أقبل فتيان إلى أبي ضمضم بعد العشاء، فقال: ما جاء بكم؟
قالوا: جئنا نتحدث إليك. قال: كذبتم يا خبثاء! ولكن قلتم: كبر الشيخ فهلم بنا عسى أن نأخذ عليه سقطة «٤» ! قال: فأنشدهم لمائة شاعر كلهم اسمه عمرو. قال الأصمعي: تحدثت أنا وخلف الأحمر فلم نزد على أكثر من ثلاثين.
وقال الشعبي: لست لشيء من العلوم أقل رواية من الشعر، ولو شئت لأنشدت شهرا ولا أعيد بيتا! وكان الخليل بن أحمد أروى «٥» الناس للشعر ولا يقول بيتا.