للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أر حلقة أعظم من حلقة «١» يونس النحوي، فجلست إليه، فقلت له: إني مدحت المهدي بشعر، وأردت ألا أرفعه حتى أعرضه على بصرائكم، وإني تصفحت الحلق فلم أر حلقة أحفل من حلقتك، فإن رأيت أن تسمعه مني فافعل. فقال: يا ابن أخي، إن ههنا خلفا، ولا يمكن أحدنا أن يسمع شعرا حتى يحضر، فإذا حضر فأسمعه.

فجلست حتى أقبل خلف الأحمر، فلما جلس جلست إليه، ثم قلت له ما قلت ليونس، فقال: أنشد يا بن أخي، فأنشدته حتى أتيت على آخره فقال لي: أنت والله كأعشى بكر، بل أنت أشعر منه حيث يقول:

رحلت سميّة غدوة أجمالها ... غضبى عليك فما تقول بدالها

وكان خلف مع روايته وحفظه يقول الشعر فيحسن وينحله «٢» الشعراء. ويقال إن الشعر المنسوب إلى ابن أخت تأبط شرّا، وهو:

إنّ بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطلّ «٣»

لخلف الأحمر، وإنما ينحله إياه.

وكذلك كان يفعل حماد الراوية: يخلط الشعر القديم بأبيات له.

قال حماد: ما من شاعر إلا قد زدت في شعره أبياتا فجازت عليه، إلا الأعشى، أعشى بكر، فإني لم أزد في شعره قط غير بيت فأفسدت عليه الشعر. قيل له: وما البيت الذي أدخلته في شعر الأعشى؟ فقال:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصّلعا

قال حماد الراوية: أرسل إليّ أبو مسلم ليلا، فراعني ذلك، فلبست أكفاني ومضيت، فلما دخلت عليه تركني حتى سكن جأشي «٤» ، ثم قال لي: ما شعر فيه