وما كان وقّافا إذا الخيل أحجمت ... ولا طالبا من خشية الموت مفزعا
ولا بكهام سيفه عن عدوّه ... إذا هو لاقى حاسرا أو مقنّعا «١»
أبى الصبر آيات أراها وإنني ... أرى كلّ حبل بعد حبلك أقطعا
وإني متى ما أدع باسمك لم تجب ... وكنت حريّا أن تجيب وتسمعا
تحيته مني وإن كان نائيا ... وأمسى ترابا فوقه الأرض بلقعا
فإن تكن الأيام فرّقن بننا ... فقد بان محمودا أخى حين ودّعا
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبّعا
وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا
فلما تفرقنا كأنّي ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
فما شارف حنّت حنينا ورجّعت ... أنينا فأبكى شجوها البرك أجمعا «٢»
ولا وجد أظآر ثلاث روائم ... وأين مجرّا من حوار ومصرعا «٣»
بأوجد مني يوم قام بمالك ... مناد فصيح بالفراق فأسمعا
سقى الله أرضا حلّها قبر مالك ... ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا «٤»
قيل لعمرو بن بحر الجاحظ: إن الأصمعي كان يسمي هذا الشعر أم المراثي.
فقال: لم يسمع الأصمعي:
أيّ القلوب عليكم ليس ينصدع ... وأيّ نوم عليكم ليس يمتنع
وقال الأصمعي: لم يبتدىء أحد بمرثية بأحسن من ابتداء أوس بن حجر:
أيتها النفس أجملي جزعا ... إنّ الذي تحذرين قد وقعا
وبعدها قول زميل:
أجارتنا من يجتمع يتفرّق ... ومن يك رهنا للحوادث يغلق