واعتذر رجل إلى إبراهيم بن المهدي. فقال: عذرتك غير معتذر، إن المعاذير يشوبها الكذب.
واعتذر رجل إلى جعفر بن يحيى، فقال: قد أغناك الله بالعذر عن الاعتذار، وأغنانا بحسن النية عن سوء الظن.
وقال إبراهيم الموصلي: سمعت جعفر بن يحيى يعتذر إلى رجل من تأخر حاجة ضمنها له، وهو يقول: أحتجّ إليك بغالب القضاء، وأعتذر إليك بصادق النّيّة.
وقال رجل لبعض الملوك: أنا من لا يحاجّك عن نفسه، ولا يغالطك في جرمه، ولا يلتمس رضاك إلا من جهة عفوك، ولا يستعطفك إلا بالإقرار بالذنب، ولا يستميلك إلا بالاعتراف بالزّلّة.
وقال الحسن بن وهب:
ما أحسن العفو من القادر ... لا سيّما عن غير ذي ناصر
إن كان لي ذنب ولا ذنب لي ... فما له غيرك من غافر
أعوذ بالود الذي بيننا ... أن يفسد الأوّل بالآخر
وكتب الحسن بن وهب إلى محمد بن عبد الملك الزيات:
أبا جعفر، ما أحسن العفو كلّه ... ولا سيّما عن قائل ليس لي عذر
وقال آخر:
اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... إن برّ عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من أرضاك ظاهره ... وقد أجلّك من يعصيك مستترا
خير الخليطين من أغضى لصاحبه ... ولو أراد انتصارا منه لانتصرا «١»