ويهتاج منه كلّ ما كان ساكنا ... دعاء حمام لم تبت بوكون «١»
وإنّ ارتياحي من بكاء حمامة ... كذي شجن داويته بشجون
كأنّ حمام الأيك حين تجاوبت ... خزين بكى من رحمة لحزين «٢»
ومما عارضت به صريع الغواني في قوله:
أديرا عليّ الرّاح لا تشربا قبلي ... ولا تطلبا من عند قاتانلتي ذحلي «٣»
فيا حزنى أني أموت صبابة ... ولكن على من لا يحلّ له قتلي
فديت التي صدّت وقالت لتربها ... دعيه، الثّريّا منه أقرب من وصلي
فقلت على رويّه:
أتقتلني ظلما وتجحدني قتلي ... وقد قام من عينيك لي شاهدا عدل
أطلاب ذحلي ليس بي غير شادن ... بعينيه سحر فاطلبوا عنده ذحلي «٤»
أغار على قلبي فلما أتيته ... أطالبه فيه أغار على عقلي
بنفسي التي ضنّت بردّ سلامها ... ولو سألت قتلي وهبت لها قتلي
إذا جئتها صدّت حياء بوجهها ... فتهجرني هجرا ألذّ من الوصل
وإن حكمت جارت عليّ بحكمها ... ولكن ذاك الجور أشهى من العدل
كتمت الهوى جهدي فجدّده الأسى ... بماء البكا هذا يخط وذا يملي
وأحببت فيها العذل حبّا لذكرها ... فلا شيء أشهى في فؤادي من العذل «٥»
أقول لقلبي كلّما ضامه الأسى ... إذا ما أبيت العزّ فاصبر على الذلّ
برأيك لا رأيي تعرّضت للهوى ... وأمرك لا أمري وفعلك لا فعلي
وجدت الهوى نصلا من الموت مغمدا ... فجرّدته ثم اتّكأت على النّصل «٦»