إذا الأرطى توسّد أبرديه ... خدود جوازيء بالرّمل عين «١»
فقال يزيد: وماذا على أمير المؤمنين ألّا يعرف ما قال هذا الأعرابي الجلف مثلك؟
واستحمقه وأمر بإخراجه.
ودخل كثير عزة على عبد العزيز بن مروان فأنشده مدحته التي يقول فيها:
وأنت فلا تفقد ولا زال منكم ... إمام يحيّا في حجاب مسدّن «٢»
أشمّ من الغادين في كلّ حلّة ... يميسون في صبغ من العصب متقن
لهم أزر حمر الحواشي يطونها ... بأقدامهم في الحضرميّ الملسّن «٣»
فاستحسنها وقال له: سل حاجتك! فقال: توليني مكان ابن رمّانة كاتبك. فقال له: ويلك! ذا كاتب وأنت شاعر! فكيف تقوم مقامه وتسدّ مسدّه؟ فلما خرج من عنده ندم وقال:
عجبت لأخذي خطّة العجز بعدما ... تبيّن من عبد العزيز قبولها
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذا لا أقولها
[فهل أنت إن راجعتك القول مرّة ... بأحسن منها عائد فمنيلها؟]
ووقف الأحنف بن قيس ومحمد بن الأشعث بباب معاوية، فأذن للأحنف ثم لمحمد ابن الأشعث، فأسرع محمد في مشيته حتى دخل قبل الأحنف، فلما رآه معاوية قال له:
والله إني ما أذنت له قبلك وأنا أريد أن تدخل قبله، وإنّا كما نلي أموركم كذلك نلي أدبكم، ولا تزيّد متزيّد في أمره إلا لنقص يجده في نفسه.