عما افترض عليك من حقّنا، ولا تزال تقدم علينا من ينهض بعزّك، ويبسط سلطانك، فيحصدنا حصاد السّنبل، ويدوسنا دياس البقر، ويسومنا الخسيسة، ويسألنا الجليلة؛ هذا ابن أرطاة قدم بلادي، وقتل رجالي، وأخذ مالي، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة، فإما عزلته فشكرناك، وإما لا فعرفناك! فقال معاوية: إياي تهدّدين بقومك؟ والله لقد هممت أن أردّك إليه على قتب «١» أشرس فينفّذ حكمه فيك. فسكتت، ثم قالت:
صلّى الإله على روح تضمّنه ... قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمنا ... فصار بالحقّ والإيمان مقرونا
قال: ومن ذلك؟ قالت: علّي بن أبي طالب رحمه الله تعالى. قال: ما أرى عليك منه أثرا! قالت: بلى، أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا فكان بيننا وبينه ما بين الغثّ «٢» والسمين، فوجدته قائما يصلي، فانفتل من الصلاة ثم قال برأفة وتعطّف: ألك حاجة؟ فأخبرته خبر الرجل. فبكى، ثم رفع يديه إلى السماء فقال: اللهم إني لم آمرهم بظلم خلقك، ولا ترك حقّك. ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب فكتب فيه: