طرقنا، ويخرزون خفافنا، ويحركون ثيابنا. فاستوى ابن عامر جالسا، وكان متكئا، فقال: ما كنت أظنك تعرف هذا الباب، لفضلك وزهادتك. فقال: ليس كل ما ظننت أني لا أعرفه، لا أعرفه.
وقالوا: إن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد لما وجّه أخاه عبد العزيز إلى قتال الأزارقة، هزموه وقتلوا صاحبه مقاتل بن مسمع، وسبوا امرأته أم حفص بنت المنذر ابن الجارود العبدي، فأقاموها في السوق حاسرة بادية المحاسن، وغالوا فيها وكانت من أكمل الناس كمالا وحسنا، فتزايدت فيها العرب والموالي وكانت العرب تزيد فيها على العصبية، والموالي تزيد فيها على الولاء، حتى بلّغتها العرب عشرين ألفا، ثم تزايدوا فيها حتى بلّغوها تسعين ألف، فأقبل رجل من الخوارج من عبد القيس من خلفها بالسيف فضرب عنقها، فأخذوه ورفعوه إلى قطري بن الفجاءة، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا استهلك تسعين ألفا من بيت المال وقتل أمة من إماء المؤمنين.
فقال له: ما تقول؟ قال: يا أمير المؤمنين، إني رأيت هؤلاء الإسماعيلية والإسحاقية قد تنازعوا عليها حتى ارتفعت الأصوات واحمرت الحدق، فلم يبق إلا الخبط بالسيوف، فرأيت أن تسعين ألفا في جنب ما خشيت من الفتنة بين المسلمين هينة. فقال قطري:
خلّوا عنه، عين من عيون الله أصابتها. قالوا: فأقد منه. قال: لا أقيد من وزعه «١» الله. ثم قدم هذا العبدي بعد ذلك البصرة، فإذا النعمان بن الجارود يستجديه بذلك السبب، فوصله وأحسن إليه.
قال: أبو عبيدة: مر عبد الله بن الأهتم بقوم من الموالي وهم يتذاكرون النحو، فقال: لئن أصلحتموه إنكم لأول من أفسده. قال أبو عبيدة: ليته سمع لحن صفوان وخاقان ومؤمل بن خاقان.
الأصمعي قال: قدم أبو مهدية الأعرابي من البادية فقال له رجل: أبا مهدية أتتوضئون بالبادية؟ قال: والله يا ابن أخي لقد كنا نتوضأ فتكفينا التوضئة الواحدة