وشهد أعرابي عند سوار القاضي بشهادة، فقال له: يا أعرابي، إن ميداننا لا يجري من العتاق فيه إلا الجياد. قال: لئن كشفت لتجدنّي عثورا! فسأل عنه سوار فأخبر بفضل وصلاح، فقال له: يا أعرابي، أنت ممن يجري في ميداننا. قال: ذلك بستر الله.
وقال أعرابي: والله لولا أن المروءة ثقيل محملها، شديدة مؤنتها «١» ، ما ترك اللئام للكرام شيئا.
احتضر أعرابي، فقال له بنوه: عظنا يا أبت. فقال: عاشروا الناس معاشرة إن غبتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم.
ودخل أعرابي على بعض الملوك في شملة شعر، فلما رآه أعرض عنه، فقال له:
إن الشملة لا تكلمك وإنما يكلمك من هو فيها.
مرّ أعرابي بقوم يدفنون جارية، فقال نعم الصهر ما صهرتم! وأنشد:
وفي الأعياص أكفاء ليلى ... وفي لحد لها كفء كريم
وقال أعرابي: رب رجل سره منشور على لسانه، وآخر قد التحف عليه قلبه التحاف الجناح على الخوافي.
ومرّ أعرابيان برجل صلبه بعض الخلفاء، فقال أحدهما: أنبتته الطاعة وحصدته المعصية! وقال الآخر: من طلق الدنيا فالآخرة صاحبته، ومن فارق الحق فالجذع راحلته.
العتبي عن زيد بن عمارة، قال: سمعت أعرابيا يقول لأخيه وهو يبني منزلا: يا أخي: