للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذم أعرابي رجلا فقال: عبد الفعال، حر المقال؛ عظيم الرواق، دنيء الأخلاق؛ الدهر يرفعه، ونفسه تضعه.

وذمّ أعرابي رجلا فقال: ضيق الصدر، صغير القدر، عظيم الكبر، قصير الشبر، لئيم النّجر «١» ، كثير الفخر.

وقال أعرابي: دخلت البصرة فرأيت ثياب أحرار على أجساد عبيد؛ إقبال حظهم إدبار حظ الكرام، شجر أصوله عند فروعه، شغلهم عن المعروف رغبتهم في المنكر.

وذكر أعرابي رجلا فقال: ذاك يتيم، أعيا ما يكون عند جلسائه أبلغ ما يكون عند نفسه.

وذكر أعرابي رجلا فقال: ذلك إلى من يداوي عقله من الجهل، أحوج منه إلى من يداوي بدنه من المرض؛ إنه لا مرض أوجع من قلة عقل.

وذكر أعرابي رجلا لم يدرك بثأره، فقال: كيف يدرك بثأره من في صدره من اللؤم حشو مرفقته؛ ولو دقّت بوجهه الحجارة لرضّها «٢» ، ولو خلا بالكعبة لسرقها.

وذكر أعرابي رجلا فقال: تسهر والله زوجته جوعا إذا سهر الناس شبعا؛ ثم لا يخاف مع ذلك عاجل عار، ولا آجل نار؛ كالبهيمة أكلت ما جمعت، ونكحت ما وجدت.

وسمع أعرابي رجلا يزعق، فقال: ويحك! إنما يستجاب لمؤمن أو مظلوم، ولست بواحد منهما؛ وأراك يخف عليك ثقل الذنوب فيحسّن عندك مقابح العيوب.

وذكر أعرابي رجلا بضعف فقال: سيء الروية، قليل التقية «٣» ، كثير السعاية، ضعيف النكاية.

وذكر أعرابي رجلا فقال: عليه كل يوم من فعله شاهد بفسقه؛ وشهادات الأفعال أعدل من شهادات الرجال.