الحمر- يعني الموالي- فجعلت تليق أستاهها كما تلاق الدواة «١» .
وقيل لأبي مهدية: أتقرأ من كتاب الله شيئا؟ قال: نعم. ثم افتتح يقرأ:
وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى
«٢» حتى انتهى إلى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى
«٣» فالتفت إلى صاحب له فقال: إن هؤلاء العلوج «٤» يقولون: ووجدك ضالا فهدى.
والله لا أقولها أبدا.
ولما سن أبو مهدية ولي جانبا من اليمامة، وكان به قوم من اليهود أهل عطاء وجدة، فأرسل إليهم فقال: ما عندكم من المسيح؟ قالوا: قتلناه وصلبناه! قال: فهل غرمتم ديته؟ قالوا: لا. قال: إذا والله لا تبرحوا حتى تغرموا ديته! فأرضوه حتى كف عنهم.
وقيل لأبي مهدية: ما أصبركم معشر الأعراب على البدو؛ قال: كيف لا يصبر على البدو من طعامه الشمس وشرابه الريح!؟
ونظر أبو مهدية إلى رجل يستنجي ويكثر من الماء، فقال له: إلى كم تغسلها ويحك! أتريد أن تشرب فيها سويقا! ومات طفل لأبي مهدية، فقيل له: اصبر يا أبا مهدية؛ فإنه فرط افترطته «٥» ، وخير قدمته، وذخر أحرزته. فقال: بل ولد دفنته، وثكل تعجلته؛ والله لئن لم أجزع للنقص، لا أفرح للمزيد.
قال أبو عبيدة: سمع أبو مهدية رجلا يقول بالفارسية: زود زود. فقال: ما يقول هذا؟ فقيل له يقول: عجل عجل. فقال: أفلا يقول: حيهلا.