وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و [أشهد] أن محمدا عبده ورسوله.
أوصيكم عباد الله، بتقوى الله، وأحثكم على طاعة الله، وأستفتح بالذي هو خير.
أمّا بعد: أيها الناس، اسمعوا مني أبّين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا! أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت، اللهم اشهد! فمن كانت عنده أمانة فيلؤدّها إلى الذي ائتمنه عليها؛ وإن ربا الجاهلية موضوع «١» ، وإنّ أوّل ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب؛ وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السّدانة والسّقاية، والعمد قود «٢» ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.
أيها الناس، إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك ما تحقرون من أعمالكم.
أيها الناس، إنما النّسيء «٣» زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله. وإنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، وواحد فرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب الذي بين جمادي وشعبان. ألا هل بلغت، اللهم اشهد!