أتكونون كمن طرفت «١» عينيه الدنيا، وسدّت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه، من تركتكم هذه المواخير «٢» المنصوبة، والضعيفة المسلوبة في النهار المبصر، والعدد غير قليل. ألم يكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج «٣» الليل وغارة النهار؟ قرّبتم القرابة، وباعدتم الدّين؛ تعتذرون بغير العذر؛ وتغضون على المختلس؛ كلّ امريء منكم يذبّ عن سفيهه، صنيع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادا؛ ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السفهاء، فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونهم، حتى انتهكوا حرم الإسلام، ثم أطرقوا «٤» وراءكم، كنوسا في مكانس «٥» الرّيب؛ حرام عليّ الطعام والشراب حتى أسويها بالأرض هدما وإحراقا.
إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله،: لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، وإني أقسم بالله لآخذنّ الوليّ بالمولى، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والصحيح بالسقيم؛ حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول انج سعد فقد هلك سعيد! أو تستقيم لي قناتكم. إنّ كذبة الأمير بلقاء مشهورة فإذا تعلقتم عليّ بكذبة فقد حلت لكم معصيتي. من نقب منكم عليه فأنا ضامن لما ذهب له؛ فإياي ودلج الليل، فإني لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه، وقد أجّلتكم في ذلك بقدر ما يأتي الخبر الكوفة ويرجع إليكم؛ وإياي ودعوى الجاهلية، فإني لا أجد أحدا دعا بها إلا قطعت لسانه. وقد أحدثتم أحداثا لم تكم وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة، فمن غرّق قوما غرّقناه، ومن أحرق قوما أحرقناه، ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرا دفنّاه فيه حيا. فكفوا عني ألسنتكم وأيديكم، أكفّ يدي ولساني؛ ولا يظهرنّ من أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامّتكم إلا ضربت عنقه. وقد كانت بيني وبين قوم إحن»
فجعلت ذلك دبر أذني وتحت قدمي؛ فمن كان محسنا فليزدد في