للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعشر تنطق أقلامهم ... بحكمة تلقنها الأعين

تلفظها في الصكّ أقلامهم ... كأنما أقلامهم ألسن

ومن قولنا في الأقلام:

يا كاتبا نقشت أنامل كفّه ... سحر البيان بلا لسان ينطق

إلا صقيل المتن ملموم القوى ... حزّت لهازمه وشق المفرق

فإذا تكلم رغبة أو رهبة ... في مغرب أصغى إليه المشرق

يدلي بريقة أريه أو شريه ... يبكي ويضحك من نداه المهرق «١»

ولعبد الله بن المعتز كلام يصف القلم. القلم يخدم الإرادة؛ ولا يمل الاستزادة؛ يسكت واقفا، وينطق ساكتا؛ على أرض بياضها مظلم، وسوادها مضيء.

وقال سليمان بن وهب وزير المهدي: كل قلم تطيل جلفته؛ فإن الخط يخرج به أوقص «٢» .

وكتب جعفر بن يحيى إلى محمد بن الليث يستوصفه الخط، فكتب إليه:

أما بعد، فليكن قلمك بحريا لا سمينا ولا رقيقا، ما بين الرقة والغلظ، ضيق النقب، فأبره بريا مستويا كمنقار الحمامة: أعطف قطته، ورقق شفرته؛ وليكن مدادك صافيا خفيفا، إذا استمددت منه ليلة ثم صفه في الدواة؛ وليكن قرطاسك رقيقا مستوي النسج، تخرج السحاة مستوية من أحد الطرفين إلى آخره؛ فليست تستقيم السطور إلا فيما كان كذلك، وليكن أكثر تمطيطك في طرف القرطاس الذي في يسارك، وأقله في الوسط ولا تمطّ في الطرف الآخر، ولا تمط كلمة ثلاثة أحرف ولا أربعة، ولا تترك الأخرى بغير مط، فإنك إذا فرّقت القليل كان قبيحا، وإذا جمعت الكثير كان سمجا؛ ثم ابتدىء الألف برأس القلم كله، واخططه بعرضه، واختمه بأسفله؛ واكتب الباء والتاء والسين والشين، والمطة العليا من الصاد والضاد