للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عمرو بن مسعدة: الخط صورة ضئيلة، لها معان جليلة، وربما ضاق عن العيون، وقد ملأ أقطار الظنون.

وذكر علي بن عبيدة القلم فقال: أصمّ يسمع النّجوى؛ أعيا من باقل، وأبلغ من سحبان وائل؛ يجهل الشاهد، ويخبر الغائب؛ ويجعل الكتب بين الإخوان ألسنا ناطقة، وأعينا لاحظة، وربما ضمنها من ودائع القلوب ما لا تبوح به الألسن عند المشاهدة.

وقال أحمد بن يوسف الكاتب: ما عبرات الغواني في خدودهن بأحسن من عبرات الأقلام في خدود الكتب.

وقال العتابي: الأقلام مطايا الفطن.

وتخاير «١» غلامان في بعض الدواوين، فقاما إلى أستاذهما يعرضان عليه خطوطهما، فكره أن يفضّل أحدهما على الآخر؛ فقال لأحدهما: أما خطّك أنت فوشي محوك.

وقال للآخر: وأما خطك أنت فذهب مسبوك؛ تكافأتما في غاية، وتوافيتما في نهاية.

وقال آخر: دخلت الديوان، فنظرت إلى غلام بيده فلم كأنه قضيب عقيان، وعليه مكتوب:

وا بأبي! وا بأبي ... من كفّ من يكتب بي

وقال أبو هفان يصف القلم:

وإذا أمرّ على المهارق كفّه ... بأنامل يحملن شختا مرهفا «٢»

ومقصّرا ومطوّلا ومقطّعا ... وموصّلا ومشتّتا ومؤلّفا

كالحية الرّقشاء إلا أنه ... يستنزل الأروى إليه تلطّفا «٣»

يهفو به قلم يمجّ لعابه ... فيعود سيفا صارما ومثقّفا

وقال آخر في وصف الدواة: