والله لا أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط. قال: فنظر القوم بعضهم إلى بعض، وخرج عليّ من المدينة.
الأعمش عن عيينة عن مسروق قال: قالت عائشة: مصتموه موص «١» الإناء حتى تركتموه كالثوب الرخيض «٢» ، نقيّا من الدنس؛ ثم عدوتم فقتلتموه! قال مروان:
فقلت لها: هذا عملك، كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه! فقالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون، ما كتبت إليهم بسواد في بياض، حتى جلست في مجلسي هذا.
فكانوا يرون أنه كتب على لسان عليّ، وعلى لسانها، كما كتب أيضا على لسان عثمان مع الأسود إلى عامل مصر؛ فكان اختلاق هذه الكتاب كلها سببا للفتنة.
وقال أبو الحسن: أقبل أهل مصر عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوى، وأهل البصرة عليهم حكيم بن جبلة العبدي، وأهل الكوفة عليهم الأشتر- واسمه مالك بن الحارث النخعي- في أمر عثمان، حتى قدموا المدينة.
قال أبو الحسن: لما قدم وفد أهل مصر، دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا؟ قال: إنما هما اثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت؛ وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل، وينقش الخاتم على الخاتم. قالوا: قد أحل الله دمك! وحصروه في الدار، فأرسل عثمان إلى الأشتر فقال: ما يريد الناس مني؟ قال: واحدة من ثلاث ليس عنها بدّ.
قال: ما هي؟ قال: يخيّرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول: هذا أمركم فقلّدوه من شئتم؛ وإما أن تقتص من نفسك؛ فإن أبيت [هاتين] فالقوم قاتلوك. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سر بلنيه الله فتكون سنة من بعدي، كلما كره القوم إمامهم خلعوه: وأما أن أقتص من نفسي فو الله لقد علمت أن صاحبي بين