عثمان فبايعه؛ اللهم إن قلت إني لم أجد في نفسي فقد كذبت، ولكنني نظرت في أمري فوجدت طاعتي قد تقدمت معصيتي، ووجدت الأمر الذي كان بيدي قد صار بيد غيري، فسلمت وبايعت، وأطعت وسمعت: فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزوا إذا أغزاني، وأقيم الحدود بين يديه، ثم نقم الناس عليه أمورا فقتلوه، ثم بقيت اليوم أنا ومعاوية، فأرى نفسي أحقّ بها من معاوية؛ لأني مهاجري وهو أعرابي، وأنا ابن عمّ رسول الله وصهره، وهو طليق ابن طليق» .
قال له عبد الله بن الكواء: صدقت، ولكن طلحة والزبير، أما كان لهما في هذا الأمر مثل الذي لك؟
قال: إن طلحة والزبير بايعاني في المدينة، ونكثا بيعتي بالعراق؛ فقاتلتهما على نكثهما ولو نكثا بيعة أبي بكر وعمر لقاتلاهما على نكثهما كما قاتلتهما. قال: صدقت.
ورجع إليه.
واستعمل عبد الملك بن مروان نافع بن علقمة بن صفوان على مكة، فخطب ذات يوم وأبان بن عثمان قاعد عند أصل المنبر، فنال من طلحة والزبير، فلما نزل قال لأبان: أرضيتك من المدهنين «٢» في أمر أمير المؤمنين؟ قال: لا، ولكنك سؤتني، حسبي أن يكونا بريئين من أمره.
وعلى هذا المعنى قال إسحاق بن عيسى: أعيذ عليّا بالله أن يكون قتل عثمان وأعيذ عثمان أن يكون قلته عليّ! وهذا الكلام على مذهب قول النبي صلّى الله عليه وسلم: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيّا أو قتله نبيّ.
سعيد بن جبير عن أبي الصهباء، أن رجالا ذكروا عثمان، فقال رجل من القوم: