ظننت أنكم قاتليّ وأن بعضكم قاتل بعضا فبايعتموني، وبايعني طلحة والزبير، ثم ما لبثا أن استأذناني إلى العمرة، فسارا إلى البصرة فقاتلا بها المسلمين، وفعلا بها الأفاعيل وهما يعلمان والله أني لست بدون من مضى، ولو أشاء أن أقول لقلت؛ اللهم إنهما قطعا قرابتي، ونكثا بيعتي وألّبا عليّ عدوّي؛ اللهم فلا تحكم لهما ما أبرما، وأرهما المساءة فيما عملا وأمّلا! وأملى علي بن محمد عن مسلمة بن محارب، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب، عن أبي الأسود عن أبيه، قال: خرجت مع عمران بن حصين وعثمان بن حنيف إلى عائشة فقلنا: يا أمّ المؤمنين، أخبرينا عن مسيرك هذا: عهد عهده إليك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أم رأى رأيتيه؟ قالت: بل رأي رأيته حين قتل عثمان بن عفان، إنا نقمنا عليه ضربه بالسوط، ومواضع من الحمى حماها، وإمرة سعيد الوليد، فعدوتم عليه فاستحللتم منه الثلاث الحرم: حرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام؛ بعد أن مصتموه كما يماص «١» الإناء فغضبنا لكم من سوط عثمان؛ ولا نغضب لعثمان من سيفكم؟! قلنا: ما أنت وسيفنا وسوط عثمان، وأنت حبيس رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟
أمرك أن تقرّي في بيتك، فجئت تضربين الناس بعضهم ببعض! قالت: وهل أحد يقاتلني أو يقول غير هذا؟ قلنا: نعم. قالت: ومن يفعل ذلك؟ هل أنت مبلغ عني يا عمران؟ قال: لست مبلغا عنك حرفا واحدا. قلت: لكني مبلّغ عنك، فهات ما شئت قالت: اللهم اقتل مذمّما قصاصا بعثمان، وارم الأشتر بسهم من سهامك لا يشوى، وأدرك عمارا بخفره «٢» بعثمان.
أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن الأحنف بن قيس، قال: قدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فانطلقت فأتيت طلحة والزبير، فقلت:
إني لا أرى هذا إلا مقتولا، فمن تأمراني به كما ترضيانه لي؟ قالا: نأمرك بعليّ.
قلت: فتأمراني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم. قال: ثم انطلقت حتى أتيت مكة، فبينما